شلالات نياجرا
تعتبر شلالات نياجرا وجهة سياحة تجمع بين جمال الطبيعة والأنشطة الترفيهية الممتعة، كما تشكل أهمية اقتصادية لكل…
في قلب مدينة ميسيساغا، غرب تورونتو، تقف “ريجواي بلازا” كواحدة من أبرز الوجهات التي تعكس تنوع كندا الثقافي من خلال بوابة الطعام. هذا المجمع التجاري الفريد، الذي يضم عشرات المطاعم والمقاهي والمتاجر، بات يُعرف بأنه أكبر مركز للطعام الحلال في أمريكا الشمالية. الزائر لا يحتاج إلى تذكرة سفر ليخوض رحلة نكهات عالمية؛ فهنا تمتزج الأطباق اللبنانية بالشاورما والكبسة السعودية، وتتناغم مع الكباب التركي والبرياني الباكستاني والسمبوسة الأفغانية.
ولكن، ما كان في البداية مساحةً للفرح والتلاقي الثقافي، أصبح اليوم محور نقاش محتدم في المجتمع الكندي، بعد أن فرضت بلدية ميسيساغا أمراً قضائيًا مؤقتًا للحد من التجمعات التي تُنظم فيه، خصوصًا خلال مناسبات مثل عيد استقلال باكستان وأفغانستان.
البلدية أكدت أن الإجراءات جاءت بعد تلقيها مئات الشكاوى خلال العامين الماضيين، تتعلق بالإزعاج، التجمعات الضخمة، ألعاب نارية غير مرخصة، القيادة المتهورة، والإضرار بالممتلكات. لكن أصحاب المحلات وصفوا القرار بالمفاجئ والمدمر، خاصة أنه نُفّذ دون تنبيه مسبق. بعضهم تحدث عن انخفاض في المبيعات وصل إلى 40% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، ما يهدد أرزاقهم وقدرتهم على الاستمرار.
على مواقع التواصل الاجتماعي، لم يكن الجدل أقل حدة. آلاف التعليقات الكندية والعربية عبّرت عن مواقف متباينة، بعضها حمل طابعًا نقديًا قاسيًا، وأخرى دافعت عن حق الجاليات في الاحتفال والتعبير الثقافي.
عدد من المعلقين رأى أن ريح الفوضى والضوضاء التي اجتاحت البلازا لم تعد تحتمل، ودعوا إلى إغلاقها بالكامل، معتبرين أنها تحولت من مساحة تجارية إلى “ساحة مفتوحة للفوضى”. فيما ذهب آخرون إلى حد وصف التجمعات بـ”الهمجية” وطالبوا بترحيل من وصفوهم بالمخالفين للنظام.
في المقابل، عبرت فئة من الكنديين والعرب عن أسفهم لتعميم الأحكام، محذرين من أن مثل هذه الإجراءات قد تستهدف جالية كاملة بسبب سلوك قلة غير منضبطة. آخرون دعوا إلى حلول وسط، مثل فرض غرامات، تقنين أوقات العمل، وتركيب كاميرات مراقبة دون اللجوء إلى الإغلاق الكامل.
ما حدث في ريجواي بلازا لا يعكس فقط إشكاليات تتعلق بالنظام العام، بل يطرح تساؤلات أعمق حول اندماج الجاليات المهاجرة في النسيج الكندي. فهل هو صدام بين أنماط احتفالية مختلفة؟ أم أنه تراكم لفجوة في السياسات المحلية تجاه الفضاءات العامة التي يرتادها أبناء الأقليات؟
ريجواي بلازا قد تكون اليوم عنوانًا للأزمة، لكنها أيضًا مرآة لكندا الحديثة؛ بلد يفتخر بتعدديته، لكنه يواجه تحديًا مستمرًا في إيجاد التوازن بين التنوع والنظام.