أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوامر تنفيذية جديدة يوم الخميس تقضي بتأجيل فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على العديد من الواردات القادمة من كندا والمكسيك لمدة شهر، في خطوة تعكس حالة من عدم الاستقرار في السياسات التجارية للولايات المتحدة.
يبرر البيت الأبيض هذه الخطوة بأنها جزء من جهود مكافحة تهريب الفنتانيل والحد من الهجرة غير الشرعية. ومع ذلك، فإن هذه الرسوم تسببت في توتر اقتصادي شديد، إذ أضرت بشراكة تجارية قائمة منذ عقود بين دول أمريكا الشمالية، وأثرت سلبًا على الأسواق المالية، مما زاد من مخاوف المستثمرين والمستهلكين الأمريكيين.
تذبذب في القرارات التجارية
بدأت سلسلة الإجراءات في 10 فبراير، عندما أعلن ترامب عزمه فرض رسوم جمركية على واردات الصلب بنسبة 25%، وزيادة الرسوم على الألمنيوم من 10% إلى 25%. بعد ذلك بأيام، في 26 فبراير، أشار إلى أنه قد يمنح كندا والمكسيك مهلة شهر قبل تنفيذ الرسوم، إلا أنه تراجع عن هذا الموقف في 27 فبراير وأكد أن التعريفات ستدخل حيز التنفيذ في 4 مارس.
عندما حل الموعد المقرر في 4 مارس، فرضت الولايات المتحدة الرسوم على كندا والمكسيك والصين، مما دفع الصين إلى الرد بفرض تعريفات انتقامية على المنتجات الزراعية الأمريكية، مثل فول الصويا والدواجن واللحوم. كما هددت كندا بفرض رسوم انتقامية، مما أدى إلى تصعيد التوترات الاقتصادية. وبعد موجة من ردود الفعل السلبية من الأسواق والشركات، قرر ترامب في 5 مارس تأجيل فرض الرسوم الجمركية على السيارات حتى 2 أبريل، ثم مدد الإعفاء لاحقًا ليشمل السلع المكسيكية والكندية في 6 مارس.
الشركات في مواجهة الضبابية الاقتصادية
تسببت هذه التقلبات المستمرة في فرض وإلغاء الرسوم الجمركية في إرباك الشركات، مما أدى إلى خسائر مالية ضخمة. يعاني العديد من رجال الأعمال والمستثمرين من عدم القدرة على التخطيط المستقبلي بسبب عدم استقرار السياسات التجارية. فوفقًا لخبراء اقتصاديين، فإن الشركات الكندية وحدها تكبدت مئات الآلاف من الدولارات نتيجة لعدم وضوح السياسات، حتى قبل أن تدخل التعريفات حيز التنفيذ.
يقول المحللون إن الأثر الاقتصادي لهذه السياسات لا يقتصر فقط على الرسوم نفسها، بل يشمل أيضًا التكلفة غير المباشرة الناجمة عن تأجيل الاستثمارات وتأخير اتخاذ القرارات التجارية. فالقطاعات التي تعتمد على رأس المال مثل الهندسة والبناء وتصنيع الآلات تأثرت بشكل خاص، حيث تراجعت مشاريع التوسع بسبب حالة عدم اليقين.
الأسواق المالية تعكس القلق
لم تكن الشركات وحدها المتضررة، إذ شهدت الأسواق المالية تراجعًا ملحوظًا. فقد ارتفع مؤشر التقلبات CBOE Volatility Index (VIX) إلى أعلى مستوياته منذ ديسمبر الماضي، مما يعكس حالة القلق بين المستثمرين. كما سجلت الأسواق الأوروبية تراجعًا بعد إعلان ترامب تأجيل الرسوم، ما يشير إلى أن التوترات التجارية الأمريكية لا تؤثر فقط على أمريكا الشمالية، بل تمتد إلى الاقتصاد العالمي.
الحزب الليبرالي أعرب عن قلقه من تأثير التعريفات الجمركية على الاقتصاد الكندي، مؤكدًا التزامه بالدفاع عن المصالح التجارية للبلاد. في المقابل، انتقد حزب المحافظين ما وصفه بـ”نهج الحكومة الضعيف” في التعامل مع سياسات ترامب التجارية، مطالبًا بموقف أكثر صرامة لحماية الشركات الكندية.
ماذا بعد؟
على الرغم من أن ترامب يؤكد أن هذه التحركات ليست مرتبطة بردود الفعل في الأسواق المالية، إلا أن الغموض يحيط بالخطوة التالية بعد انتهاء فترة الإعفاء في 2 أبريل. الشركات والمستهلكون يترقبون القرار النهائي، وسط قلق من استمرار هذا النهج المتقلب، والذي قد يؤدي إلى المزيد من التكاليف الاقتصادية غير المتوقعة.