وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوامر تنفيذية بفرض رسوم جمركية واسعة النطاق على الواردات من كندا، المكسيك، والصين، وهو ما يهدد بإشعال حرب تجارية جديدة قد تؤثر على الأسواق العالمية. تشمل هذه الرسوم ضريبة بنسبة 25% على جميع السلع المستوردة من كندا والمكسيك، باستثناء المنتجات الكندية في قطاع الطاقة، والتي ستخضع لضريبة أقل تبلغ 10%. كما تم فرض رسوم بنسبة 10% على الواردات الصينية.
تداعيات اقتصادية متوقعة
يترقب المحللون تأثير هذه الإجراءات على مختلف القطاعات الاقتصادية في أمريكا الشمالية، حيث يُتوقع أن تتأثر صناعات السيارات والمعدات الكهربائية في المكسيك بشكل خاص، بينما يواجه قطاع معالجة المعادن في كندا تحديات كبيرة. وفي الولايات المتحدة، قد تؤدي هذه الإجراءات إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج في مجالات الزراعة، الصيد، المعادن، وصناعة السيارات.
المستهلكون الأمريكيون قد يكونون الأكثر تضررًا، حيث يتوقع أن تنعكس هذه الرسوم على الأسعار، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف السلع اليومية، مثل المواد الغذائية والوقود. ومع استيراد الولايات المتحدة نحو 60% من احتياجاتها النفطية من كندا، فإن فرض رسوم جمركية على منتجات الطاقة الكندية قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الوقود، خاصة في المناطق الوسطى من الولايات المتحدة التي تعتمد على النفط الكندي في إنتاج البنزين والديزل.
رد كندي حازم
في مواجهة هذه الإجراءات، أعلنت الحكومة الكندية استعدادها للرد من خلال فرض رسوم جمركية انتقامية على المنتجات الأمريكية بقيمة 155 مليار دولار، حيث تخطط كندا لاستهداف سلع أمريكية رئيسية مثل عصير البرتقال من فلوريدا، الويسكي من تينيسي، وزبدة الفول السوداني من كنتاكي. رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أكد أن بلاده لن تتهاون في حماية مصالحها الاقتصادية، مشيرًا إلى أن الرد الكندي سيكون “سريعًا وحازمًا”.
أما في المكسيك، فقد صرحت الرئيسة كلوديا شينباوم أن بلادها مستعدة لاتخاذ إجراءات مماثلة لحماية اقتصادها من تداعيات الرسوم الأمريكية.
قلق الأسواق العالمية
الأسواق المالية لم تتأخر في إظهار رد فعلها على هذه التطورات، حيث افتتح المؤشر الرئيسي في بورصة تورونتو (S&P/TSX) على انخفاض بنسبة 2.4%، بينما شهدت الأسواق الأمريكية والأوروبية موجة بيع واسعة، حيث تراجعت المؤشرات الأمريكية الكبرى بأكثر من 1% في الدقائق الأولى من التداول، مع تسجيل مؤشر ناسداك انخفاضًا بنسبة 2%. كما تراجعت الأسواق الأوروبية، حيث فقدت البورصات الألمانية والفرنسية أكثر من 1.5% من قيمتها، في حين هبط مؤشر فوتسي 100 في لندن بنسبة 1.4%.
مستقبل الاقتصاد الكندي في ظل هذه الأزمة
وفقًا لخبراء اقتصاديين، فإن هذه الرسوم قد تكون واحدة من أكبر الصدمات التجارية التي تواجهها كندا منذ نحو قرن، مما قد يؤدي إلى تباطؤ اقتصادي حاد. تشير تقديرات بعض المحللين إلى أن استمرار هذه السياسات قد يؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي الكندي بنسبة تصل إلى 4.2%، مع احتمالية دخول البلاد في حالة ركود اقتصادي بحلول عام 2025.
بينما لا يزال من غير الواضح إلى متى ستستمر هذه الإجراءات، فإن استمرارها لفترة طويلة قد يؤدي إلى خسائر اقتصادية ضخمة، مما يعيد إلى الأذهان تأثيرات التعريفات الجمركية التي فرضت خلال ثلاثينيات القرن الماضي والتي ساهمت في تفاقم الكساد العظيم.
ماذا بعد؟
من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مفاوضات مكثفة بين كندا والولايات المتحدة في محاولة لاحتواء الأزمة، حيث يعتزم رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو التحدث مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لبحث الحلول الممكنة. لكن في ظل التوترات المتزايدة، لا يزال مستقبل العلاقات التجارية بين البلدين غامضًا، مما يضع الاقتصاد الكندي أمام تحدٍ صعب في الأشهر القادمة.