في ظل ظروف اقتصادية صعبة يمر بها الكنديون، تبرز ممارسات مثيرة للقلق داخل أروقة البنوك الكبرى في كندا، حيث كشفت تحقيقات استقصائية عن ضغوط متزايدة يتعرض لها موظفو هذه البنوك لبيع منتجات مالية قد لا تخدم مصالح العملاء بالضرورة. هذه الواقعة تسلط الضوء على مسألة أخلاقيات العمل في القطاع المالي والبنكي، ما يستدعي تدخلاً فورياً من الجهات الرقابية والتنظيمية لحماية المستهلكين.
أدلت موظفة في بنك TD بشهادتها حول الضغوط الشديدة التي تواجهها لبيع المنتجات المالية للعملاء، مشيرة إلى أن هذا الأمر أثر على صحتها النفسية والبدنية. وليست هي الوحيدة في هذا الموقف؛ فقد تحدث موظفون حاليون وسابقون في البنوك الكبرى مثل RBC، BMO، Scotiabank، وCIBC عن ممارسات مماثلة، تتضمن تضليل العملاء ودفعهم نحو اقتناء منتجات مالية غير ضرورية بهدف تحقيق أهداف مبيعات مرتفعة. هاؤلاء الموظفين فتحوا قلوبهم مشاركين قصصًا تجسد الضغط الهائل الذي يتعرضون له من أجل تحقيق أهداف المبيعات. وما يزيد الطين بلة، هذا الضغط يأتي في وقت تتصاعد فيه الأعباء المالية على كاهل المستهلكين بسبب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة.
وفي تحقيق ميداني، استخدمت كاميرات خفية لرصد نوعية المنتجات والنصائح المالية التي يقدمها موظفو البنوك. وقد أظهرت النتائج توجيه نصائح مالية قد تكون مضللة أو غير ملائمة، بما في ذلك الدفع نحو اقتناء بطاقات ائتمان ذات فوائد مرتفعة أو خط ائتماني دون الحاجة الفعلية له، مما يعرض العملاء لأعباء مالية إضافية. بل وصل الأمر إلى حد انتهاك قانون البنوك الكندي، كما يقول المدافعون عن حقوق المستهلكين.
الجانب المثير للقلق هو أن هذه الممارسات ليست غريبة أو جديدة؛ فقد سبق أن ألقت التحقيقات الضوء على ضغوط المبيعات داخل هذه البنوك. وعلى الرغم من الوعود بالتغيير وتحسين السياسات، يبدو أن دائرة الضغط تعود لتدور من جديد، ما يجعل المستهلكين في مواجهة مع ممارسات قد تضر بمصالحهم المالية.
تسليط الضوء على هذه الممارسات يدعو إلى ضرورة إعادة النظر في الأساليب التي تعتمدها البنوك في تحقيق أهداف المبيعات، وأهمية وضع مصالح العملاء فوق الاعتبارات التجارية. كما يبرز الحاجة الملحة لتدخل الهيئات التنظيمية والرقابية لضمان تقديم نصائح مالية تخدم مصلحة العملاء بالدرجة الأولى، وتحميهم من أي ممارسات قد تكون مضرة بمصالحهم المالية.
المطلوب الآن ليس فقط تسليط الضوء على هذه الممارسات، بل العمل على إيجاد حلول جذرية تضمن للمستهلكين التعامل مع البنوك في بيئة تحمي حقوقهم وتضع مصالحهم فوق كل اعتبار. هذا يتطلب تدخلًا حاسمًا من الجهات التنظيمية والرقابية لضمان تطبيق البنوك لمعايير تراعي الأخلاقيات المهنية وتصون مصلحة العميل.