في ظل الضغوطات المستمرة نتيجة الارتفاع في معدلات الفائدة، يبدو أن كندا ستتمكن من تجنب الوقوع في فخ الركود، وفقًا لما ذكره تقرير النظرة الاقتصادية الصادر عن ديلويت كندا. رغم التحديات الاقتصادية المتمثلة في التضخم المستمر وزيادة حالات إفلاس الأعمال وتصاعد معدلات التخلف عن سداد الرهون العقارية، تبقى الآفاق المستقبلية محفوفة بالحذر. لكن، وفقًا للمؤشرات الحالية، من المتوقع أن تبدأ كندا في التعافي من تباطؤها الاقتصادي الراهن خلال النصف الثاني من هذا العام.
لمواجهة التضخم الجامح، قام بنك كندا برفع الفائدة الأساسية من مستوياتها المنخفضة في مارس 2022 إلى 5% حاليًا، عبر سلسلة من الزيادات. هذه الخطوة أسهمت بشكل كبير في تبريد حدة التضخم، حيث يتوقع ديلويت أن يبدأ البنك المركزي في خفض معدلات الفائدة اعتبارًا من يونيو، وهو توقع يشاركه معظم الاقتصاديين.
على الرغم من هذه الإشارات الإيجابية، من المرجح أن يظل اقتصاد كندا في حالة جمود خلال عام 2024، خاصة في النصف الأول منه، حيث من المتوقع أن يسجل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي حوالي 1% هذا العام قبل أن يصل إلى 2.9% في عام 2025.
من بين الافتراضات التي تقوم عليها توقعات ديلويت نمو الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة، استمرار تخفيف الضغوط التضخمية، خفض بنك كندا للفائدة، وتدفق مستمر للوافدين الجدد إلى البلاد، مما يدعم الطلب.
أعلنت إحصاءات كندا أن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد قد ارتفع بنسبة 0.6% في يناير، مع تقدير أولي لنمو بنسبة 0.4% في فبراير. التعافي الاقتصادي مرهون بخفض أسعار الفائدة، وهو بدوره يعتمد على استمرار تهدئة التضخم.
تشير التقارير إلى أن التدابير الرامية لكبح التضخم قد أحرزت تقدمًا ملحوظًا، ومع ذلك، فإن العوامل التي تُبقي التضخم مرتفعًا من غير المرجح أن تتراجع في المدى القريب. أكبر التحديات تكمن في تكاليف السكن، حيث يواجه الكنديون زيادة في الأسعار عند تجديد الرهون العقارية، فضلاً عن تأثر المستأجرين بارتفاع تكاليف المأوى.
من جهة أخرى, شهدت كندا تطورًا اقتصاديًا ملحوظًا مع انخفاض معدل البطالة لأول مرة منذ ديسمبر 2022، مما يعكس إشارة إيجابية على قدرة السوق العمل على التكيف والتعافي في وجه التحديات الاقتصادية. هذا التراجع في نسبة البطالة يسلط الضوء على نجاح السياسات التحفيزية والتدابير الاقتصادية المطبقة، فضلاً عن المرونة والديناميكية التي يتمتع بها الاقتصاد الكندي, على الرغم من التوقعات بتباطؤ حاد في مكاسب التوظيف خلال عام 2024. من المتوقع أن تظل الإنفاقات الاستهلاكية متواضعة خلال النصف الأول من العام، حيث يستمر المستهلكون في مواجهة ارتفاع تكلفة المعيشة. يشير التقرير إلى أن العام المقبل سيكون أفضل بكثير مع انخفاض أسعار الفائدة وتعافي الاقتصاد، مما يؤدي إلى إطلاق الطلب المكبوت.
يُلاحظ التقرير أن استثمارات الأعمال تتراجع بوتيرة مقلقة، ومن المحتمل أن تحد الفائدة المرتفعة من التعافي في هذا المجال هذا العام. الفائدة المرتفعة تضعف الاقتصاد وتنال من ثقة الأعمال، حيث تؤدي الظروف الأكثر تحديًا والطلب الأضعف إلى تأجيل خطط الاستثمار، مع التركيز أكثر على الصيانة والإصلاح بدلاً من توسيع العمليات.
على عكس كندا، استطاع الاقتصاد الأمريكي الصمود بشكل أفضل تحت وطأة رفع أسعار الفائدة، على الرغم من توقعات ببدء البنك المركزي الأمريكي في خفض الأسعار خلال النصف الثاني من العام. يتوقع ديلويت أن يظل الاقتصاد الأمريكي قويًا خلال الأشهر المقبلة، مسجلاً نموًا حقيقيًا بنسبة 2.4% في عام 2024 و1.4% في عام 2025.