في خطوة تعكس التزامها بدعم الجهود الإنسانية في الشرق الأوسط، أعلنت كندا عن استئناف تمويلها لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين (UNRWA)، بعد تعليق مؤقت استمر لعدة أشهر على خلفية ادعاءات بتورط بعض موظفي الوكالة في أنشطة مسلحة. وقد جاء هذا القرار في ضوء تقرير مؤقت قدمته الأمم المتحدة، استجابةً لتحقيقات بشأن الادعاءات الإسرائيلية المتعلقة بتورط موظفين في هجوم 7 أكتوبر.
أهمية القرار تنبع من دور الأونروا الحيوي في تقديم الدعم الإنساني لأكثر من 2 مليون شخص في غزة، فضلًا عن مساهمتها في دعم 4 مليون آخرين في أنحاء المنطقة. الوزير الكندي للتنمية الدولية، أحمد حسين، أكد خلال مؤتمر صحفي في ميسيسوجا، أونتاريو، أن الدعم الكندي للوكالة لا يمكن تأجيله في ظل الظروف الراهنة، مشددًا على أن الوضع المأساوي على الأرض يتطلب تدخلًا فوريًا لإنقاذ الأرواح.
تعزيزًا للموقف الكندي، أقدمت الحكومة الفيدرالية على توفير دعم مالي بقيمة 100,000 دولار لجمعية خيرية في الأردن، بهدف شراء مستلزمات سيتم توصيلها إلى غزة جزئيًا عبر الأردن. كما ستسهم القوات المسلحة الكندية بتزويد القوة الجوية الأردنية بحوالي 300 مظلة شحن لدعم جهود الإغاثة. الوضع في غزة يُعد بالغ الخطورة، حيث تواجه حوالي 500,000 فلسطيني مستويات كارثية من انعدام توفر الغذاء, ويُقدر أن 1.7 مليون فلسطيني نزحوا داخليًا داخل المكان المحاصر.
بالنظر إلى الأحداث الأخيرة، يُلاحظ التحدي الكبير الذي يواجه UNRWA في تنفيذ مهامها، خاصة في ظل الاتهامات التي وُجهت لبعض موظفيها بالتورط في أنشطة مسلحة. رغم ذلك، فإن التدابير التي اتخذتها الوكالة لتعزيز الرقابة والمساءلة والشفافية، إلى جانب التزام الحكومة الكندية بدعم جهودها، تشير إلى إمكانية تجاوز هذه التحديات والتركيز على الأولوية الأساسية؛ وهي الإغاثة الإنسانية ودعم اللاجئين الفلسطينيين في هذه الأوقات العصيبة.
كندا تخطط لتقديم مبلغ 25 مليون دولار في أبريل لدعم الوكالة، مع التأكيد على أنها لم تتوقف عن تقديم الأموال سابقًا، مع آخر دفعة قدرها 25 مليون دولار في ديسمبر. هذا القرار يأتي في أعقاب تعليق كندا، إلى جانب 15 دولة أخرى، للمدفوعات المستقبلية لوكالة الأونروا في الشرق الأوسط، مما يشير إلى تغير ملحوظ في موقف كندا بناءً على نتائج التقارير الأممية والتحسن في آليات الرقابة والمساءلة داخل الوكالة. كندا تصبح بذلك أول دولة من مجموعة السبع تستأنف التمويل, كما أعلنت عن تعاونها مع الأردن وبرنامج الأغذية العالمي لتنفيذ إسقاطات جوية للطعام والبطانيات في غزة، بإجمالي 75 طنًا من الإمدادات.
يمينة أنصاري، من مشروع إعادة توحيد عائلات غزة، أشادت بقرار كندا باعتباره دعمًا حيويًا للفلسطينيين، مؤكدةً على التعقيدات الناجمة عن حكم حماس لغزة، ومع ذلك، أكدت على أن منع المساعدات لن يثني حماس بل سيضر بالمدنيين، خصوصًا الأطفال. أميرة الغوابي، الممثلة الخاصة لكندا لمكافحة الإسلاموفوبيا، أكدت على أهمية هذه الخطوة لإنقاذ الأرواح. لكن منظمة إسرائيل والشؤون اليهودية في كندا أبدت استياءها من قرار الإستئناف، مشيرة إلى أن الأموال يجب ألا تذهب لمنظمات لها صلى بالإرهاب.
كان لمظاهرات الجالية العربية في تورونتو ومونتريال دور محوري في تسليط الضوء على القضية الفلسطينية، مما ساهم بشكل كبير في جذب انتباه السلطات الكندية ودفعها نحو التحرك واتخاذ خطوات فعالة لدعم الجهود الإنسانية في المنطقة. مع العلم أن مقاطعة كيبيك قد اتخذت قرارات بمنع المظاهرات الفلسطينية من الاقتراب من المباني اليهودية في مونتريال، تبقى المشاركة النشطة للعرب ركيزة أساسية لإبراز القضية الفلسطينية في كل مكان.
تعكس هذه الخطوة التزام كندا بالمسؤولية الدولية وتأكيدها على أهمية التعاون الدولي في مواجهة الأزمات الإنسانية، مؤكدةً على دور الجالية العربية في في دعم هذه الجهود وتعزيز الوعي حول أهمية العمل المشترك لإغاثة المحتاجين ودعم الاستقرار والسلام في المنطقة.
