شهادة القيادة في كندا
شهادة السواقة الكندية تُعتبر من أهم الوثائق التي يحتاجها الأفراد للتمتع بحرية القيادة والتنقل في جميع أنحاء…
في خطوة وُصفت بالتاريخية والمثيرة للجدل، أعلنت كندا اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، مؤكدة أن هذا القرار يأتي في سياق جهود دولية منسقة تهدف إلى إنقاذ حل الدولتين، الذي بات على وشك الانهيار بفعل تعقيدات النزاع القائم.
جاء هذا الإعلان قبيل انطلاق اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث من المتوقع أن يشارك رئيس الوزراء الكندي مارك كارني في لقاءات رفيعة المستوى مع زعماء العالم، في وقت تتصاعد فيه الضغوط الدولية لإحياء المسار السياسي بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
القرار الكندي لم يكن وليد اللحظة، بل جاء نتيجة تقييم عميق لتدهور فرص حل الدولتين، والذي لطالما دعمته كندا منذ عام 1947. ومع ذلك، يرى المسؤولون في أوتاوا أن هذا الحل أصبح اليوم مهددًا بشكل غير مسبوق، نتيجة تصاعد عنف جماعة حماس، وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية، ومحاولات ضم أراضٍ من الضفة الغربية، فضلاً عن الحصار المفروض على غزة والذي فاقم الأوضاع الإنسانية.
البيان الصادر عن مكتب رئيس الوزراء الكندي شدد على أن حماس لا تمثل الشعب الفلسطيني، بل ساهمت في تعميق مأساته، ولا يمكن أن يكون لها أي دور في مستقبل الحكم الفلسطيني. في المقابل، وجّه انتقادات شديدة للحكومة الإسرائيلية الحالية، متهمًا إياها بتقويض فرص قيام دولة فلسطينية، عبر سياسات الاستيطان والقيود على المساعدات الإنسانية، ورفضها المعلن لفكرة الدولة الفلسطينية.
كندا أكدت أن اعترافها بدولة فلسطين لا يعني دعمًا غير مشروط، بل جاء بناءً على التزامات قطعتها السلطة الفلسطينية، أبرزها تنفيذ إصلاحات جوهرية في منظومة الحكم، وتنظيم انتخابات عامة في عام 2026 تُستثنى منها حماس، إضافة إلى العمل على نزع السلاح كجزء من بناء دولة مدنية قابلة للحياة.
كما تعهدت أوتاوا بتكثيف جهودها لدعم هذه الإصلاحات، والمشاركة مع شركائها الدوليين في وضع خطة سلام واقعية، تشمل ضمانات أمنية للإسرائيليين، ونظام حكم ديمقراطي للفلسطينيين، إلى جانب فتح ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية داخل غزة.
داخل كندا، قوبل هذا القرار بترحيب واسع من منظمات المجتمع المدني المدافعة عن حقوق الفلسطينيين، التي اعتبرته انتصارًا للعدالة ونتيجة لضغط شعبي متواصل. في المقابل، عبّرت منظمات يهودية وأحزاب معارضة عن رفضها الشديد، معتبرة الاعتراف خطوة متسرعة لا تستند إلى ضمانات كافية، وقد تُستخدم سياسيًا لإلهاء الرأي العام عن قضايا داخلية مثل التضخم والبطالة.
ورغم هذه الخلافات، يبدو أن كندا تسعى من خلال هذه الخطوة إلى إعادة إحياء الدور الدولي للبلاد كوسيط محايد وداعم للسلام، في وقت تشهد فيه المنطقة اضطرابات متصاعدة وحالة من الجمود السياسي المزمن.
ومع انضمام دول مثل المملكة المتحدة وأستراليا للاعتراف بدولة فلسطين، تبرز مؤشرات واضحة على تحوّل في المزاج الدولي، ربما يدفع بملف القضية الفلسطينية مجددًا إلى واجهة الاهتمام العالمي، لكن تبقى العقبة الكبرى في تحويل هذه التحركات الرمزية إلى واقع ملموس على الأرض.
لطالما تبنّى الحزب الليبرالي الكندي موقفًا مؤيدًا لحل الدولتين كسبيل لإنهاء النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، وقد عبّر عن هذا التوجّه في مواقفه وسياساته الخارجية على مرّ السنوات. وركّز الحزب على دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في إقامة دولته المستقلة، إلى جانب تأكيده على أمن إسرائيل وحقها في العيش بسلام.
وخلال فترات حكمه، شدّد الحزب الليبرالي على أهمية احترام القانون الدولي، ورفض السياسات الأحادية التي تُقوّض فرص السلام، مثل التوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما دعمت الحكومات الليبرالية برامج إنسانية وتنموية في الضفة الغربية وقطاع غزة، من خلال تمويل المشاريع التي تعزز البنية التحتية، وتحسين الخدمات الأساسية، وتمكين المرأة والشباب الفلسطيني.
ومع وصول مارك كارني إلى قيادة الحزب والحكومة، برز توجّه أكثر وضوحًا نحو دعم الاعتراف بدولة فلسطين كخطوة ضرورية لإعادة التوازن إلى العملية السياسية المتوقفة، وتأكيدًا على التزام كندا بمبادئ العدالة وحقوق الإنسان في المنطقة.
“منذ عام 1947، كان موقف جميع الحكومات الكندية المتعاقبة ثابتًا في دعم حل الدولتين كسبيل لتحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط. وقد ارتكز هذا الموقف على رؤية لقيام دولة فلسطينية ذات سيادة، ديمقراطية وقابلة للحياة، تبني مستقبلها بسلام وأمن إلى جانب دولة إسرائيل.
لكن، وعلى مدى العقود الماضية، تآكلت إمكانية تحقيق هذا الهدف بشكل متزايد وخطير، نتيجة لعدة عوامل، من بينها:
لقد مارست حماس الإرهاب ضد الشعب الإسرائيلي وقمعت الفلسطينيين في غزة، مسببة معاناة مروعة. ومن الضروري أن تقوم حماس بالإفراج عن جميع الرهائن، وأن تنزع سلاحها بالكامل، وألا يكون لها أي دور في مستقبل الحكم الفلسطيني. لقد سرقت حماس من الشعب الفلسطيني حريته وحقوقه، ولا يمكن أن يُسمح لها بتحديد مصيره.
في المقابل، تعمل الحكومة الإسرائيلية الحالية بشكل منهجي على تقويض فرص قيام دولة فلسطينية. فهي تمضي قدمًا في سياسة توسع استيطاني لا هوادة فيها في الضفة الغربية، رغم مخالفتها للقانون الدولي. كما أن هجماتها المتواصلة على قطاع غزة أودت بحياة عشرات الآلاف من المدنيين، وتسببت في نزوح أكثر من مليون شخص، وأدت إلى مجاعة كارثية يمكن تجنبها، في انتهاك صارخ للقانون الدولي. وأصبحت السياسة المعلنة للحكومة الإسرائيلية حاليًا هي: “لن تكون هناك دولة فلسطينية”.
وفي ظل هذا الواقع، تعلن كندا اعترافها بدولة فلسطين، وتعرض شراكتها في بناء مستقبل سلمي لكل من دولة فلسطين ودولة إسرائيل. ويأتي هذا الاعتراف ضمن جهد دولي منسق يهدف إلى الحفاظ على إمكانية تحقيق حل الدولتين. ونحن في كندا ندرك أن هذا الاعتراف لا يمثل حلاً سحريًا، ولكنه يتماشى مع مبادئ تقرير المصير وحقوق الإنسان الأساسية التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة، كما يعكس سياسة كندا المستمرة منذ عقود.
إن الاعتراف بدولة فلسطين، تحت قيادة السلطة الفلسطينية، يُعزّز موقف من يسعون للتعايش السلمي وإنهاء سيطرة حماس. وهذا لا يعني بأي شكل من الأشكال شرعنة الإرهاب أو مكافأته. كما أنه لا يتعارض مع دعم كندا الثابت لدولة إسرائيل وشعبها وأمنها – الذي لا يمكن تحقيقه إلا عبر التوصل إلى حل شامل على أساس الدولتين.
وقد قدمت السلطة الفلسطينية التزامات واضحة لكندا وللمجتمع الدولي بشأن إجراء إصلاحات ضرورية، من بينها إعادة هيكلة منظومة الحكم، وتنظيم انتخابات عامة في عام 2026 تُستبعد منها حماس، ونزع سلاح الدولة الفلسطينية. وكندا ستكثف جهودها لدعم تنفيذ هذه الإصلاحات، والتي تم بالفعل إحراز تقدم فيها. وبدعم من شركائنا الدوليين، تساند كندا وضع خطة سلام موثوقة، وبناء مؤسسات حكم ديمقراطية، ووضع ترتيبات أمنية واضحة لفلسطين، إلى جانب ضمان تدفق المساعدات الإنسانية بشكل واسع ومستدام إلى غزة وفي كافة أنحاء القطاع.”