في ظل تراجع مبيعات المنازل بنسبة 4.5% في مارس مقارنة بالعام الماضي في منطقة تورنتو الكبرى، أظهرت السوق مفارقة ملفتة حيث ساهم التنافس المتزايد بين المشترين في رفع متوسط أسعار المنازل بشكل معتدل على أساس سنوي. وفقًا لبيانات هيئة العقارات بتورنتو الإقليمية، تم تداول 6560 منزلًا في الشهر مقارنة بـ 6868 في العام الماضي، مما يشير إلى انخفاض جزئي ناتج عن تزامن عطلة الجمعة العظيمة مع شهر مارس بدلاً من أبريل كما في الأعوام السابقة.
بالنظر إلى الأسعار، فقد شهدت ارتفاعًا بنسبة 1.3% مقارنة بالعام الماضي، ليصل متوسط سعر البيع إلى 1,121,615 دولارًا. ويُتوقع أن تشهد الأسعار زيادة أكبر خلال فصل الربيع والنصف الثاني من العام، وذلك بفضل توفر قروض بفائدة ثابتة منخفضة وتحسن ظروف السوق لصالح البائعين في العديد من الأحياء، بالإضافة إلى التوقعات بانخفاض تكاليف الاقتراض في الأشهر المقبلة، مما سيدعم الطلب على السكن.
مع ذلك، يظل التحدي الأكبر أمام المشترين المحتملين هو تحقيق القدرة على تحمل تكاليف المنازل في منطقة تورنتو، حيث يبدو أن الارتفاع المستمر في الأسعار، بالرغم من التوقعات بخفض معدلات الفائدة من قبل بنك كندا، لن يجعل تملك المنازل في متناول الجميع. وفقًا لكريس كابتشيس، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة عقارية مرموقة، فإن النمو السكاني يُعد الدافع الرئيسي للسوق، مما يحافظ على ارتفاع الأسعار بالرغم من انخفاض المبيعات بسبب قضايا القدرة على تحمل التكاليف.
ومع زيادة عدد القوائم الجديدة بنسبة 15% في الشهر الماضي مقارنة بمارس 2023، يُظهر السوق بعض علامات التحسن، مع توقعات بأن تؤدي انخفاض تكاليف الاقتراض إلى زيادة المبيعات وتشديد ظروف السوق، مما سيدفع الأسعار للارتفاع. هذه التطورات تُعطي أملاً في تحسن الوضع، لكنها تتطلب من المشترين البحث عن خيارات في مناطق أبعد داخل منطقة تورنتو الكبرى لإيجاد أسعار معقولة، كما يوضح كابتشيس.
كما اتخذت كندا خطوة استباقية للحد من المخاطر المالية، حيث فرضت السلطات شروطًا أكثر صرامة على القروض العقارية للأشخاص الذين يحملون ديونًا عالية. هذا الإجراء يأتي في سياق جهود الحكومة لتعزيز الاستقرار في القطاع العقاري وضمان التزام المقترضين بمعايير مالية متينة، مما يعكس حرصها على حماية الاقتصاد الوطني والأفراد من التعرض لمخاطر الإفراط في الاقتراض.
في الختام، يشهد سوق العقارات في تورنتو تحولات مهمة مع تزايد التحديات والفرص، مما يعكس تعقيدات العيش في واحدة من أكثر المدن حيوية في كندا. الأسعار التي تشهد ارتفاعًا متواضعًا والتنافس القائم بين المشترين يُظهران أن السوق لا يزال نشطًا، مع الأخذ بعين الاعتبار التحديات الرئيسية مثل القدرة على تحمل التكاليف وتأثيرات السياسة النقدية المستقبلية.