في خطوة أثارت تساؤلات حول مدى التزامها بحماية المدنيين خلال النزاعات، قرر الجيش الإسرائيلي إقالة اثنين من ضباطه وتوبيخ ثلاثة آخرين على خلفية ضربات بطائرات مسيرة في غزة أدت إلى مقتل سبعة من العاملين في مجال الإغاثة كانوا يقومون بمهمة توصيل طعام. وقد أكد الجيش الإسرائيلي أن هذا الإجراء جاء نتيجة لتعاملهم غير اللائق مع معلومات حاسمة وانتهاكهم لقواعد الاشتباك التي ينص عليها الجيش.
هذا الحادث، الذي اعتبره البعض اعترافًا محرجًا من قبل إسرائيل، يأتي في وقت تواجه فيه اتهامات متزايدة من حلفائها الرئيسيين، بما في ذلك الولايات المتحدة، بعدم بذل جهود كافية لحماية المدنيين في غزة من تداعيات حربها مع حماس.
ذهب ضحية قصف الطائرات المسيرة سبعة من العاملين في مجال الإغاثة، حيث كانوا يعملون لصالح “مطبخ العالم المركزي”. هؤلاء العمال كانوا يحملون جنسيات متعددة، شملت ثلاثة مواطنين بريطانيين، ومواطن بولندي، وأسترالي، بالإضافة إلى مواطن يحمل الجنسية الكندية والأمريكية، مما يعكس التنوع والعالمية التي تتسم بها هذه المنظمة في جهودها الإنسانية. لم تقتصر الخسائر على هؤلاء، بل امتدت لتشمل سائقهم الفلسطيني الذي كان يقود السيارة التي تعرضت للضربة.
من جانبه، أعلن وزير الخارجية الأمريكي، أنطوني بلينكن، أن الإجراءات التي أعلنتها الحكومة الإسرائيلية لتوسيع تدفق المساعدات إلى غزة هي خطوة مرحب بها، لكنها قد لا تكفي لتلبية مطالب إدارة بايدن بتحسين الأوضاع الإنسانية بشكل جذري في الإقليم.
تعالت الأصوات الدولية مطالبة إسرائيل بتحمل المسؤولية عن أفعالها، وقد شارك مسؤولون نتائج التحقيق الذي أجري بسرعة وتفصيل غير معتادين، وسط شكوك حول ما إذا كانت العقوبات والاعتذار سيخففان من الغضب الدولي تجاه مقتل عاملين في مطبخ العالم المركزي، أو سيطمئن المنظمات الإغاثية الدولية لاستئناف عملياتها في غزة. كما قام رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، بالرد على بنيامين نتنياهو، معبرًا عن استيائه الشديد إزاء الغارة الجوية التي استهدفت فريق الإغاثة في غزة، مؤكدًا أن مثل هذه الأحداث لا تحدث بمحض الصدفة.
وقد أقر الجيش بأخطاء جسيمة، مثل فشل الضباط في قراءة الرسائل التي تحذر من أن العاملين في مجال الإغاثة سيتم نقلهم بسيارات بدلاً من شاحنات الإغاثة، مما أدى إلى تحديد السيارات التي تم استهدافها على أنها تنقل مقاتلين. وكذلك تمت معاقبة ضابط لتحديده هدف الضربة وضابط آخر وافق على الضربة لتصرفهما بناءً على معلومات غير كافية.
تجدر الإشارة إلى أن الضحايا كانوا يوزعون الطعام الذي تم جلبه إلى غزة عبر ممر بحري جديد، وقد أكدت مطبخ العالم المركزي أنها قامت بتنسيق تحركاتها مع الجيش، وأن السيارات كانت مميزة بشعار المنظمة.
هذا الحادث يسلط الضوء ليس فقط على تداعيات النزاع المسلح على المدنيين والعاملين في المجال الإنساني، بل يؤكد أيضًا على أهمية الالتزام بالقواعد الأخلاقية والقانونية في أوقات الحرب، وضرورة إجراء تغييرات جذرية لضمان عدم تكرار مثل هذه الأحداث المأساوية.