أعلن بنك كندا عن خفض سعر الفائدة الأساسي بمقدار 25 نقطة أساس ليصل إلى 3%، وذلك في خطوة تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي في ظل استمرار تحديات الأسواق العالمية. كما كشف البنك عن خطته لإنهاء سياسة التشديد الكمي، مع الاستعداد لاستئناف شراء الأصول تدريجياً اعتبارًا من مارس المقبل، بهدف تحقيق استقرار في ميزانيته العمومية ومن ثم زيادتها بشكل متناسب مع نمو الاقتصاد.
تحولات في المشهد الاقتصادي العالمي
وفقًا للتقرير النقدي الصادر عن البنك، فإن التوقعات الاقتصادية لا تزال محاطة بدرجة عالية من عدم اليقين، خاصة مع تصاعد التهديدات بفرض رسوم جمركية جديدة من قبل الإدارة الأمريكية. وعلى الرغم من صعوبة التنبؤ بتداعيات أي صراع تجاري محتمل، فإن التقديرات تشير إلى استمرار نمو الاقتصاد العالمي بمعدل 3% خلال العامين المقبلين.
في الولايات المتحدة، تسارعت وتيرة النمو الاقتصادي، مدفوعة بزيادة الاستهلاك، بينما تواجه منطقة اليورو تحديات تتعلق بتراجع القدرة التنافسية. أما الصين، فقد شهدت تحسناً في الطلب المحلي بفضل إجراءات تحفيزية، رغم استمرار التحديات الهيكلية التي تواجه اقتصادها. أما على مستوى الأسواق المالية، فقد تباين أداء السندات الحكومية بين الدول، حيث ارتفعت العوائد في الولايات المتحدة نتيجة للنمو القوي واستمرار التضخم، في حين شهدت كندا انخفاضًا طفيفًا في العوائد، مع تراجع قيمة الدولار الكندي مقابل نظيره الأمريكي بسبب حالة عدم اليقين التجاري.
تأثيرات خفض الفائدة على الاقتصاد الكندي
ساهمت التخفيضات السابقة في أسعار الفائدة في دعم النشاط الاقتصادي المحلي، حيث شهد قطاعا الاستهلاك والإسكان انتعاشًا ملحوظًا، إلا أن الاستثمار في الأعمال لا يزال ضعيفًا. ومن المتوقع أن تستفيد الصادرات الكندية من زيادة القدرة الإنتاجية لقطاعي النفط والغاز.
على صعيد سوق العمل، لا تزال هناك بعض التحديات، حيث بلغ معدل البطالة 6.7% في ديسمبر. ومع ذلك، فقد تحسنت وتيرة نمو التوظيف في الأشهر الأخيرة، بعد فترة من التباطؤ مقارنة بنمو القوى العاملة. كما بدأت الضغوط على الأجور بالتراجع التدريجي، ما يعكس تحسنًا طفيفًا في توازن سوق العمل.
توقعات النمو والتضخم
يتوقع بنك كندا أن يشهد الاقتصاد نموًا بنسبة 1.8% في كل من عامي 2025 و2026، وهو معدل يفوق النمو المحتمل إلى حد ما. ومع ذلك، فإن تباطؤ وتيرة الهجرة قد يؤثر على النمو الكلي في السنوات القادمة.
أما بالنسبة للتضخم، فيظل قريبًا من هدف 2%، رغم بعض التقلبات الناتجة عن إيقاف مؤقت لضريبة السلع والخدمات على بعض المنتجات الاستهلاكية. كما بدأت أسعار المساكن في التراجع تدريجياً، مما يساهم في تقليل الضغوط التضخمية.
الاستقرار النقدي في مواجهة التحديات
في ظل هذه المعطيات، قرر البنك تخفيض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، مشيرًا إلى أن سلسلة التخفيضات التي تمت منذ يونيو الماضي لها تأثير كبير على تحفيز النشاط الاقتصادي. ومع ذلك، فإن أي تصعيد في التوترات التجارية، لا سيما إذا تم فرض رسوم جمركية واسعة النطاق، قد يشكل تحديًا جديدًا أمام الاقتصاد الكندي.
يؤكد بنك كندا التزامه بمراقبة المستجدات الاقتصادية عن كثب، واتخاذ التدابير اللازمة لضمان استقرار الأسعار ودعم الاقتصاد في مواجهة أي تطورات غير متوقعة.