في مساء يوم السبت الماضي، كان من المقرر أن تشهد مدينة تورنتو حدثاً مميزاً بحضور رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو ونظيرته الإيطالية جيورجيا ميلوني، حيث كانت الخطط تقضي بإقامة مأدبة عشاء في معرض أونتاريو للفنون. إلا أن الأحداث أخذت منحى آخر تماماً عندما تجمع مئات المتظاهرين المؤيدين للقضية الفلسطينية خارج المعرض، مما أدى إلى إلغاء الفعالية المنتظرة.
المتظاهرون، الذين وصل عددهم إلى حوالي 400 شخص، حملوا لافتات ورددوا شعارات تنتقد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة وطريقة تعامل كندا مع الحرب بين إسرائيل وحماس، مما أدى إلى صعوبة وصول الضيوف إلى داخل المبنى.
شرطة تورنتو، التي أكدت عدم وقوع اعتقالات أو إصابات خلال الاحتجاج، أعلنت أنها تراجع الأحداث لتحديد ما إذا كانت هناك أنشطة غير قانونية قد وقعت، مشيرة إلى إمكانية توجيه التهم في وقت لاحق. وفي الوقت نفسه، أوضحت المتحدثة باسم شرطة تورنتو أن الشرطة كانت على اتصال بفريق أمن رئيس الوزراء وكانت مستعدة لتأمين الوصول إلى المعرض، لكن قرار إلغاء الحدث كان من قبل فريق ترودو نفسه.
الاضطرابات لم تقتصر فقط على خارج المعرض، بل شملت أيضاً بعض الضيوف الذين واجهوا صعوبة في الدخول، بما في ذلك وزير التنمية الدولية أحمد حسين ومسؤولين منتخبين آخرين، الذين اضطروا في النهاية إلى الدخول من باب جانبي تحت حراسة الشرطة.
على الرغم من النهاية المضطربة لليوم، كانت المباحثات التي جرت بين ترودو وميلوني قد أسفرت عن توافق في الآراء حول تعزيز التعاون بين كندا وإيطاليا، حيث أعلنا عن خطة للتعاون المعزز تتضمن العديد من المجالات الأساسية مثل الأمن الطاقي، تغير المناخ، النمو الاقتصادي، والبحث والابتكار بما في ذلك الذكاء الاصطناعي.
تفاوتت الآراء حول تعامل الشرطة مع المتظاهرين المؤيدين للقضية الفلسطينية وتأثير ذلك على صورة كندا. بينما يرى البعض أن الشرطة قد فشلت في تأدية واجبها، يشير آخرون إلى أن القرار بإلغاء الحدث كان قرارًا سياسيًا بحتًا، يهدف إلى تجنب التصعيد.
الاحتجاجات التي شهدتها تورنتو لم تكن الأولى من نوعها، حيث سبق وأن شهدت المدينة أحداثاً مشابهة تسببت في إعاقة الحياة اليومية للمواطنين، مثل تلك التي وقعت على طريق أفينيو وأمام مستشفى ماونت سيناي. هذه الأحداث أثارت تساؤلات حول فعالية الشرطة ومدى قدرتها على التعامل مع المواقف الصعبة.
بعض التعليقات تشير إلى الإحباط من الوضع الحالي، معتبرة أن الشرطة تفقد احترام الأغلبية بمحاولة إرضاء أقلية مزعجة. وقد تمت مقارنة هذا الوضع بتحديات أخرى تواجه المجتمع الكندي، مثل مشكلات السلامة في المدارس وتحديات التعليم.
النقد لم يقتصر على الشرطة وحدها، بل شمل أيضًا تعامل الحكومة والسياسيين مع الموقف، حيث اعتبر بعضهم أن الاستجابة الحكومية للمظاهرات كانت ضعيفة وتفتقر إلى الحزم. في الوقت نفسه، يبدو أن هناك إجماعًا على أهمية حماية الحق في التظاهر السلمي كجزء من الديمقراطية، لكن يجب أن يتم ذلك بطريقة لا تعيق حياة الآخرين أو تمنع إقامة الفعاليات الهامة.
على الصعيد الآخر، تمت الإشارة إلى أن التنوع الثقافي، الذي يُعد قوة كندا الكبرى، يجب ألا يتحول إلى سبب للانقسام أو الفوضى. النقاش حول تأثير الأحداث في غزة وردود الفعل تجاهها في كندا يظهر أن القضية أكبر من مجرد تعامل الشرطة مع المتظاهرين، بل تمس أوجه القوة والضعف في النسيج الاجتماعي الكندي.
في ختام الأمر، يبدو أن الحدث الذي كان يفترض أن يكون علامة على الصداقة والتعاون بين كندا وإيطاليا، قد تحول إلى مناسبة لإعادة التفكير في كيفية تعامل المجتمع الكندي مع التحديات الأمنية والاجتماعية، وكيفية الحفاظ على التوازن بين حرية التعبير والحاجة إلى النظام والأمان.