في ظل التغييرات الهيكلية التي يشهدها الاقتصاد العالمي، ألمح مارك كارني، الحاكم السابق لبنك كندا والذي شغل لاحقًا منصب حاكم بنك إنجلترا، إلى مستقبل يشهد ارتفاعات في معدلات الفائدة أعلى من المعتاد وتخفيضات أبطأ في هذه المعدلات مما كان يُتوقع. خلال حديثه في فعالية بأوتاوا، أشار كارني إلى أنه بينما من المتوقع أن يبدأ البنك المركزي في خفض معدلات الفائدة هذا العام بالتزامن مع استمرار انخفاض التضخم، يجب أن لا نتوقع عودة هذه المعدلات إلى مستوياتها قبل الجائحة. وأضاف أن هذا التغيير يأتي كنتيجة لعدة عوامل هيكلية ستؤدي إلى ارتفاع مستمر ومتوسط في معدلات الفائدة على المدى المتوسط.
بنك كندا، الذي من المتوقع أن يثبت معدل الفائدة الأساسي عند 5% للمرة السادسة على التوالي، يلمح إلى تغيير في النهج قد يُفسح المجال لخفض معدلات الفائدة خلال الصيف. هذا التوجه يأتي بعد فترة من رفع البنك لمعدل الفائدة بشكل متسارع في محاولة للسيطرة على التضخم وتبريد الاقتصاد.
كارني، الذي يشغل حاليًا منصب رئيس للاستثمارات ذات التأثير في شركة بروكفيلد لإدارة الأصول ورئيس مجلس إدارة بلومبرغ، ناقش أيضًا التغييرات الهيكلية في الاقتصاد العالمي التي من شأنها أن تجعل التضخم “أعلى وأكثر تقلباً” من الماضي. من بين هذه التغييرات تفتت التجارة العالمية، المخاطر الجيوسياسية المتزايدة، والانتقال إلى نظام طاقة منخفض الكربون، والتي جميعها تشير إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة.
كما تطرق كارني إلى العديد من التحديات الكبرى التي تواجه كندا، مثل انخفاض الإنتاجية، التغييرات التكنولوجية، وبيئة التجارة العالمية المعادية بشكل متزايد. وأشار إلى أن مواجهة هذه التحديات تتطلب انضباطًا ماليًا وتركيزًا دائمًا على التنفيذ بدلاً من اللجوء إلى الإنفاق كحل سهل لا يعالج جذور المشكلات.
مع اقتراب ميزانية 16 أبريل، رحب كارني بالإعلانات الحكومية التي وعدت بإنفاق مليارات الدولارات، مع التركيز بشكل أساسي على الإسكان. ومع ذلك، اقترح أيضًا أن بعض إجراءات السياسة الاقتصادية الحكومية كانت خاطئة، مثل تفضيل تركيب مضخات الحرارة المنزلية على إقامة مصانع للبطاريات التي تلقت دعمًا حكوميًا بقيمة تزيد عن 40 مليار دولار.
في الختام، شدد كارني على أهمية التوصل إلى سياسات مناخية فعالة وشفافة، داعيًا إلى مناقشة تتجاوز الجدل حول الضريبة الكربونية الفيدرالية وتسعى لاستبدال السياسات الحالية بأخرى أكثر فعالية إذا كانت الولايات ترغب في إلغائها.