في ظلال الصراع المحتدم في غزة، تسلط واقعة مأساوية الضوء على المخاطر التي يواجهها العاملون في مجال الإغاثة الإنسانية. جاكوب فليكنجر، الشاب البالغ من العمر 33 عامًا والمولود في منطقة بوس في كيبيك، والذي كان يحمل الجنسية الكندية والأمريكية، قضى نحبه إثر ضربة إسرائيلية استهدفت فريق الإغاثة أثناء محاولتهم توزيع المساعدات الغذائية في غزة. فليكنجر، الذي خدم سابقًا في القوات المسلحة الكندية وأصبح أبًا لطفل يبلغ من العمر 18 شهرًا، كان يعمل مع منظمة “مطبخ العالم المركزي” منذ مارس الماضي، في مهمة تطوعية لمواجهة شبح المجاعة الذي يلوح في الأفق.
وقد اعتبر والدا فليكنجر، سيلفي لابريك وجون فليكنجر، الهجوم الذي أدى إلى مقتل ابنهم وستة من زملائه على أنه استهداف متعمد من قبل قوات الدفاع الإسرائيلية للعاملين في مجال الإنسانية، مشددين على أن قافلة “مطبخ العالم المركزي” كانت مميزة بوضوح وتسير على طريق إنساني معتاد، وقد تم تنسيق تحركاتها مسبقًا مع الجيش الإسرائيلي.
الأهالي والأصدقاء يصفون فليكنجر بأنه كان شخصًا يضع الآخرين قبل نفسه، مستخدمًا تدريبه العسكري لخدمة الإنسانية. كانت آخر مهامه تضمنت تأمين وتوزيع 90 طنًا من المساعدات الغذائية، في مهمة تعكس التزامه العميق بمساعدة المحتاجين.
يبقى رحيل جاكوب فليكنجر شاهدًا على الأثر العميق الذي يتركه العاملون في مجال الإغاثة، الذين يستمرون في بذل الجهد والتضحية في أصعب الظروف، مذكرينا بالحاجة الماسة إلى العمل من أجل السلام وحماية الإنسانية في كل مكان.
الحادث المأساوي يشير إلى التحديات الجسيمة والمخاطر التي يواجهها العاملون في مجال الإغاثة الإنسانية في مناطق النزاع. وفقًا للبيانات المتوفرة، فإن أكثر من 196 عامل إغاثة قتلوا منذ بداية الغزو الإسرائيلي لغزة في أكتوبر الماضي، مما يسلط الضوء على الخطر المحدق بمن يحاولون تقديم المساعدة في أوقات الأزمات.
تأتي هذه الواقعة لتعكس الوجه القاسي للحروب والصراعات، حيث الضحايا غالبًا ما يكونون من المدنيين والعاملين في مجال الإغاثة، الذين يسعون فقط لتقديم يد العون. في هذا السياق، أدانت قيادات عالمية الهجوم على قافلة المساعدات، معتبرينه دليلاً على أن الجهود المبذولة لحماية المدنيين غير كافية. كما أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو على ضرورة تقديم إجابات واضحة حول كيفية حدوث هذا الهجوم، مشددين على أهمية الدفع نحو وقف إطلاق النار وتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية.
من خلال هذه الحادثة، نلمس مرة أخرى الحاجة الملحة لحماية العاملين في المجال الإنساني، الذين يضحون بأرواحهم في سبيل تقديم المساعدة والأمل لمن هم في أمس الحاجة إليها في زمن الحروب والنزاعات.